التماهي في الوشم وثقب الجسد


أصبحت ظاهرة الوشم وثقب الجسد مؤخراً رائجة في الكثير من المجتمعات، إذ يقوم بها أصحابها لأسباب

يقولون إنها تجميلية، عاطفية، تذكارية، وكرمز لانتماء ما، أو لتمييزهم عن جماعة ما

لكن ظاهرة الوشم وثقب الجسد ليست جديدة، بل تعود إلى أقدم العصور

ويحدث الوشم بسبب الطعن، سواء كان طبيعياً بسبب الطبيعة أو نتيجة حادث معين، أو كان طبياً نتيجة جرح، أو احترافياً بواسطة متخصصين وذلك بغرز الجسد بالإبرة، أو بآلة حادة لإدخال الحبر إلى الجسد، الذي يتم ثقبه أيضاً بواسطة الطعن، من أجل تثبيت قطعة من المعدن

إن انتشار هذه الظاهرة بشكل ملفت يدعونا للتوقف حول سبب انجذاب الكثير من البشر للوشم وثقب الجسد

يتوارث البشر تجارب القدماء بالفطرة، ويعيشونها في حياتهم كما لو أنها جزء منها، وذاكرتهم تنقل إليهم الكثير من الذكريات والأحداث، التي مر عليها الزمن ولو بشكل ضبابي

لكن بإمكان البشر اختبار طرقاً معينة للعودة الى أحداث في الماضي ورؤيتها وفهمها بشكل أفضل

فلو عدنا بالزمن لوجدنا كثيراً من الجماعات، قد اعتمدوا الوشم وثقب الجسد لإيذاء الإنسان كنوع من العقاب والمهانة وذلك بانزال الألم في جسد الشخص المعاقب

والوسائل العقابية متنوعة، فمنها الضرب، الجلد، السحل، التسبب بندوب على الجسد، قطع أعضاء من الجسد، الصلب، وصولاً إلى الحرق والقتل

أما الوشم، فقد استخدم لتمييز المجرمين وكل من يشكل خطراً على المجتمع، كما تمت معاقبة الجواسيس بثقب الأنف ووضع حلقة في اللسان

كذلك دل الوشم وثقب الجسد على الرق والعبيد، الذين سلبت حريتهم منهم وخضعوا لقيود على تحركاتهم وأنشطتهم

إن تماهي أجيال اليوم مع تلك الفئة من القدماء في عدم تقديرهم لجسدهم المكرس معبداً، و إيلام هذا الجسد، مع التخدير، الذي لا يعني أن الجسد لم يتألم، هو شعورهم بالذنب، الذي يتطلب عقاب الجسد، ايذاءه وإهانته سواء بالوشم، أو الثقوب، أو أي وسيلة أخرى تؤلمه ، يؤكد لهم أن هذا ما يستحقونه، لإدراكهم أن العقاب يقترن بالذنب

فقرار استعباد الجسد، سواء بوشمه، أو ثقبه من دون إدراك العناية والدقة التامة، التي تم فيها خلق هذا الجسد بكل ما فيه، من شأنه أن يسبب خللاً في تركيبته وطاقته، ولا بد أن يصاحبه الندم

طعن الجسد يشوه الجسد ويقتله. فإن خذلتموه، سيخذلكم، وإن استخفيتم به، سيستخف بكم، بل ستقتلكم أمراضكم

أحبوا جسدكم، اهتموا وثقوا به، قدروه، واشعروا بالترابط بين جميع خلاياه ، كرسوه حياً، وتواصلوا معه لتكونوا أقوياء

©2021 HopeWellBeing. All Right Reserved